٨ مهارات لتحقق التفهم العاطفي في العمل.

واحد بين كل ثلاثة موظفين يترك الشركة التي يعمل بها لأجل بيئة عمل أكثر تفهمًا و رفقًا بالموظفين. و بذلك يكون هذا الأمر حافزًا كبيرًا للشركات لتركز على مهارات التفهم العاطفي بشكل عاجل غير آجل.

لكل من يعمل منا في الأدوار الداعمة بطبيعتها؛ فإن الكفاءة في عملنا تتلخص في مدى حسن استماعنا وتواصلنا مع الموظفين. وكلما قمنا بعملنا بشكل أفضل، زاد استعداد زملائنا و آهليتهم للقيام بأعمالهم.

التحدي في هذا المجال هو أن التفهم العاطفي أو التعاطف البنّاء أو ما يسمى علميًا بالتقمص الوجداني ليس شيئًا نتعلمه من دليل الموظف أو يصدر بأمر من الإدارة، إنما هو أمر نتعلمه على المستوى الفردي. لكن عندما نتحمل المسؤولية بشكل فردي لفهم زملائنا في العمل، فإن الشركة التي نعمل فيها ستحصد منافع عملنا هذا في نهاية الأمر.

لماذا يعد التعاطف مهمًا في مكان العمل؟

التفهم العاطفي – التقمص الوجداني- يمثل القدرة على فهم أفكار ومشاعر الآخرين أو بتعريف آخر هو الإنصات لزملاء العمل وأخذ اهتماماتهم بعين الاعتبار. كما يعتبر التفهم العاطفي من أساسيات العمل، ووفقًا لتقرير حلول العمل(Business solver) لعام ٢٠١٧، فإن التفهم العاطفي يؤثر بشكل مباشر على إنتاجية الموظفين، ولائهم وأيضًا التزامهم. بعض من الإحصائيات المدهشة من التقرير تشير إلى:

  • ٧٧٪؜من الموظفين قد يرغبون بالعمل لساعات أطول في بيئة عمل أكثر تفهمًا. كما أن هناك ٦٠٪؜من الموظفين قد يرضون براتب أقل لنفس السبب.
  • لاحظ ٩٢٪؜ من متخصصي الموارد البشرية أن بيئة العمل التي تبدي تفهمًا عاطفيًا هي السبب الرئيسي لبقاء الموظفين.
  • ٨٠٪ ؜ذكروا أنهم سيتركون العمل إذا أصبح المكان أقل تفهمًا.

التفهم العاطفي أو التعاطف البنّاء – بعيدًا عن الشفقة – في مكان العمل يوفر عوائد ملموسة وعملية، ويساعد في التواصل مع الزملاء و الحفاظ على ازدهار الشركة على المدى الطويل.

لماذا تكافح الشركات مع التفهم العاطفي؟

إذا كانت هذه المهارات مهمة للغاية ، فلماذا أقل من نصف العاملين فقط يصنفون أماكن عملهم على أنها متعاطفة إيجابيًا؟

تبنّي مفهوم التفهم العاطفي و ممارساته على مستوى الشركة ليس أمرًا سهلًا. فهو يتطلب المبادرة لتكون قريبًا من زملاء العمل، عادةً لا تأتي هذه المبادرة من فراغ،فمكان العمل الذي يتسم بالتعاطف و التفهم يتطلب جهودًا واعية على نطاق المؤسسة بأكملها.

تعلم هذا المفهوم يستنزف جهدًا عاطفيًا و عقليًا كما يُعد أمرًا يصعب قياسه. قد تستطيع معرفة آراء الموظفين من خلال استطلاع أرائهم لكن معرفة التأثير المباشرة للتفهم العاطفي أمر يصعب تتبعه وقياسه.

خلق التعاطف في مكان العمل

العامل المشترك بين أفضل بيئات العمل هو التفهم العاطفي. قد يبدو بذلك واضحًا أهمية الاستثمار في الموظفين و زملاء العمل و لكن و بالرغم من ذلك إلا أن العديد من الجوانب الهامة في التفهم العاطفي يتم تجاهلها أو إساءة فهمها في مكان العمل. ولهذا وضعنا هذه الثمانية مهارات التالية لتساعدك على تحسين علاقاتك مع زملاء العمل:

1| أعد التفكير في طريقة استماعك

كيف ستستمع لزملائك في العمل عندما يأتون إليك ويلقون عليك تساؤلاتهم؟

معظم الموظفين لا يستمعون لزملائهم في العمل! لا يكفي أن تدعي أنك “مستمع جيد” في عالم يشعر فيه ٣٠٪ من الموظفين بأن أراءهم غير مهمة. الإصغاء لزملائك في العمل يتطلب مجهودًا واضحًا وبسيطًا. بصفتك موظفًا في وظيفة بطبيعة داعمة؛ فإن كل من رسائل البريد الإلكتروني أو المحادثات المباشرة وجهًا لوجه مع زملائك في العمل تستحق انتباهك الكامل. تفهم أن الوقت الذي تقضيه في العمل لا يقل أهمية عن أوقاتهم، وأن حسن استماعك يعني حل مشاكلهم في الوقت المناسب. 

لنفترض أن أغلب الموظفين يشعرون بأنهم يفتقدون الموارد التي تمكّنهم من أداء عملهم بفعالية، في هذه الحالة، فإن الموظفين الذين يقومون بالأدوار الداعمة هم من يتولون زمام الأمر لاكتشاف متطلبات النجاح.

لتصبح مستمعًا جيدًا بالإمكان أن تبدأ بتوجيه زملائك إلى الأشخاص المناسبين في حال واجهتهم مشكلة معينة. أيضًا أن تكون متاحًا لاستقبال الاستفسارات و التساؤلات من خلال الوسائل المختلفة يعد مؤشرًا لحسن استماعك. 

2| أتقن فن طرح الأسئلة

ممارسة التعاطف لا يعني أن تكون مستمعًا جيدًا فقط! بل أن تطرح الأسئلة المناسبة لتصل إلى جذور المشكلة التي تواجه زملاءك في العمل.

تتصف هذه الأسئلة في كونها محددة بدلًا من أن تكون فضفاضة عامة ! تقبل في مضمونها أيضًا مختلف الإجابات و ردود الفعل المحتملة لتؤكد بذلك على سماعك وفهمك لمخاوف العاملين أو الموظفين.

في بعض الحالات لا تتضح حاجات الموظفين بشكل واضح وجليّ، فيرسل بعض الموظفين أو الزملاء بريدًا إلكترونيًا غامضًا أو مربكًا! بالإمكان أن تستخدم نص الرسالة هذه لتصل إلى صلب المشكلة :

 مرحبا [ الاسم ]،

شكرًا جزيلًا على التواصل. واستنادًا إلى رسالتك السابقة أريد فقط أن توضح لي مشكلتك وتزودني بأي تفاصيل أخرى عن [المشكلة]. لنصل إلى حل بأسرع وقت ممكن. 

تحياتي

3| ضع نفسك مكان زملائك في العمل

“اقتباسًا من رواية “أن تقتل طائرًا بريئًا:

“لن تعرف الشخص حتى تضع نفسك مكانه وترى الأمور من زاويته”

وفي مكان العمل، يعني هذا أن تقرب من مخاوف زملائك و تأخذها بعين الاعتبار و على محمل الجد.

من المهم ألا تنسى الأدوار والمسؤوليات المختلفة في الشركة والتي تختلف بدورها كثيرًا عن مهامك وأدوارك.قد تنعدم أو يكون لديك القليل من المعرفة بالطبيعة اليومية والفعلية لأدوار زملائك المختلفة إلا إن كنت قد عملت في إحداها مسبقًا أو كنت لصيقًا لزملائك! على سبيل المثال قد يكون متوسط الأعمال الأسبوعية  للمحاسبين أو من يعمل في التسويق يساوي متوسط أعمال الموارد البشرية أو تقنية المعلومات خلال يوم واحد فقط.  

هل تعتقد بأن لديك الكثير من المهام؟ في الغالب أن زملاءك يشعرون بذات الشعور إذ أن الإرهاق الناتج عن ضغط العمل يؤثر على ٤٠٪ من الموظفين بغض النظر عن القسم أو الإدارة التي يعملون لصالحها.

إذا واجهت من أحد زملائك سلوكًا غاضبًا أو اندفاعيًا خلال تواصلك معه فقط عليك أن تتذكر آخر مرة مررت بها بيوم عصيب لتتفهم وضعه الراهن. بالإمكان أن نستخدم نص الرسالة التالية إن واجهتك الحالة ذاتها أو مشابهة لها لتهدئ من حال زميلك:

مرحبا [الاسم]،

أردت فقط إخبارك أني أتفهم شعورك بالإحباط وأريد فعل كل ما في وسعي لمساعدتك. وإذا كان مناسبًا لك نناقش الأمر وجهًا لوجه أو عن طريق الهاتف. وكل ما عرفت أكثر عن [المشكلة] فهذا سيساعدنا على حلها بشكل أسرع.

شكرًا لك.

4| تجنب الافتراضات

التمس لزملائك المبررات قبل أن تصدر أحكامًا عليهم .لنفترض أن موظفًا جديدً لديه مشكلة في الالتزام بسياسات معينة، قد تعتقد أنه بالفعل مهمل لكن من المحتمل أيضًا أنه بحاجة إلى التكيف مع السياسات المختلفة، إذ أن كل من التكيف مع مكان العمل الجديد و الفصل بينه وبين العمل السابق يتطلب وقتًا يجب عليك مراعاته.

5| تعلم كيف تحدد المشاكل بناء على أهميتها

عندما تقدم يد العون إلى زملائك فإن مشاكلهم لن تكون متساوية في أهميتها .

مجددًا التفهم العاطفي و الاستماع لموظفيك و زملائك مهم جدًا لكن لا يعني ذلك أن تستخدم أسلوب من يأتي أولا يُخدم أولًا! على سبيل المثال: الموظف الذي يواجه خللًا في المعدات أو خرقًا أمنيًا يتطلب حلًا سريعًا و فوريًا أكثر مما هو عليه الحال عندما يعاني آخر من بطء برنامج معين. الاستجابة وفقًا لأهمية المشكلة يشير إلى فهمك لخطورة ما يواجهه زملائك.

6| لا تجعل علاقتك سطحية مع زملاء العمل

وفقاً لتايني بلس (TINYpulse) فإن زملاء العمل هم العنصر الأول الذي يدفع الموظفين لحب عملهم.

دعمك للموظفين أو زملاء العمل يتجاوز مجرد استجابتك لرسائلهم وطلباتهم. العلاقات الجيدة في بيئة العمل تجعل التفهم العاطفي أكثر سهولة من خلال معرفتك للموظفين على الصعيد الإنساني أكثر من كون الأمر مرتبط بعنوان بريد إلكتروني أو قسم معين في العمل. أيضًا ليس من الضروري أن تكون الصديق المقرب لزملائك لكن من المفيد أن تُبقي علاقتك معهم و أن لا تقتصر على حدود المهنة فقط كالدردشة في غرفة الاستراحة من وقت لآخر مع الموظفين؛ إذ أن الموظفين بطبيعتهم يتعاملون بسلاسة مع الشخص الودود بعكس تعاملهم مع الشخص البارد أو غير المتفاعل معهم.

7| تذكر أن للناس مشاعر أيضًا!

عندما يكون تركيزك منصب على الأرباح والإنتاجية، فمن السهل أن تغفل عن شعور الموظفين في العمل، و في بيئات العمل القاسية التي تركز على المادية يمكن بسهولة أن يتنحى التفهم العاطفي فيها جانبًا. 

٤٠٪؜من الموظفين يشعرون بأن شخصًا ما داخل المنظمة يهتم لأمرهم، بينما ٣١٪؜ من الموظفين يشعرون بأن مديريهم و من يعمل في المناصب العليا يبدون اهتمامًا بالأرباح أكثر من الأشخاص و الموظفين.

فكر بجدية ولا تنسَ أن زملاءك في العمل هم أيضًا بشر. فالانتقادات والتعليقات المتعالية يجب أن لا تكون هي ردة فعلك عند تعاملك حتى وإن كان مع أصعب الموظفين. وعلى الرغم من إحباطاتنا وأخطاءنا، فنحن جميعًا في الحالة نفسها معًا.

8| التفهم العاطفي لا يتحقق بين عشية وضحاها

عندما تسعى لمكان عمل يتسم بالتفهم العاطفي فإنك بذلك في مارثون وفي سباق عَدْو قصير المدى!

تعلم كيف تطور مهارات التفهم العاطفي التي تستغرق وقتًا بطبيعتها كالصبر ، والإصغاء الجيد، وطرح الأسئلة المدروسة. تزداد سهولة إظهار التفهم العاطفي متى ما ازداد تفاعلك و اتصالك مع الفريق بشكل أريحي.

لا تجعل تجربة سيئة واحدة تؤثر على نظرتك الإيجابية! استمر في إظهار الاهتمام لزملائك و موظفيك واستجب لهم فإن ذلك يؤدي إلى التفهم العاطفي، التأثير ، والاحترام والذي يصب في مصلحتك أنت أولًا في نهاية الأمر.

النتيجة النهائية ستكون :مكان عمل يتّسم بالتفهم العاطفي.

هل تظهر لزملائك في العمل الدعم الذي يستحقونه؟

أن تأخذ من وقتك وطاقتك لتصبح أكثر تعاطفًا فهذه تعتبر عملية مستمرة ومتفاعلة. تبدأ من بناء الثقة مع زملائك إلى تحسين جودة عملك كموظف موارد بشرية أو تقنية المعلومات أو أي شخص يقدم الدعم للموظفين يجب أن يمارس التفهم العاطفي ليجعل شركته مكانًا أفضل.

في حين قد لا يعد التفهم العاطفي أولوية قصوى، إلا أن الموظفين الذين يتسمون بهذه الصفة يؤثرون على الإنتاجية ومشاركة الموظفين بشكل كبير . يزدهر الموظفون عندما يشعرون بأن صوتهم مسموع واهتماماتهم تؤخذ بعين الاعتبار. وهذا يطرح السؤال: هل تدعم زملائك في العمل بشكل أكبر من الحد الأدنى؟


ترجمة: سارة الخلف

المرجع:

8 Critical Steps to Creating Empathy in the Workplace by Brent Barnhart – Spoke.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *