نحن نعيش في أزمة عالمية اسمها كورونا
لحظة.. لحظة! كدت تغادر هذه الصفحة لأنك سئمت من تكرار هذه الكلمة صباحًا ومساءً، وأنا مثلك عزيزي القارئ سئمتها لدرجة حينما طُلب مني كتابة هذا المقال اعتذرت عنه لأني مرهقة من هذه الكلمة وكل ما يخصها وأصبحت مثيرة للصداع. ولكن فجأة، ودون سابق إنذار، بدأت أكتب هذه الحروف من القلب لقلبك أيها القارئ.
همسة قبل أن أبدأ بما سأُبديه، هذه رسالة صادقة موجهة لمن أثّر عليه سلبًا هذا الوضع الحالي وسمح للكسل والتسويف أن يتمكن منه بلا قصد، وأخفق في مقاومته لأنه صُدم من الوضع الغريب الذي لم يعتاده!
رسالة لمن لم يخوض سباق اللحاق بالدورات وقلق السعي للحصول على كل هذه المصادر المجانية التي انفتحت دفعةً واحدة وتجميع الشهادات وتصوير الاجتماعات. بالتأكيد بعض هذه الأفعال أثّر عليك سلبًا لأنك لم تستطيع أن تتأقلم مع الأزمة. لا تجعل من هذه الأفعال هاجسا يثبطك ويشعرك بعدم الإنجاز. هم لهم طريقتهم بالتعلم والعمل، وأنت لك طريقتك، والتي قد تكون بقراءة الكتب والمقالات ومشاهدة الأفلام. هي ما تثري معرفتك وتخرجك مسلحًا ثقافيًا ومعرفيًا من هذه الأزمة أو بالمحافظة على نفسية متوازنة. وأعتقد أن هذا أعظم إنجاز في الوقت الحالي. لا ينبغي عليك فعل ما يفعله الآخرون يكفيك أن تمارس أعمالك على أكمل وجه وهذا إنجاز بحد ذاته، وخصوصًا في ظِل هذه الأوضاع.
اعلم جيدًا بأن الطرق تتفاوت من شخصٍ إلى آخر، إلا أنها في نهاية المطاف تؤدي إلى نفس منزل المعنى ومقام الفهم المرجو وكلٌ بحسب طريقته. لا بد أن تكون الرغبة موجودة، ولكن تظهر وتختفي، وتزداد وتنقص مع مرور الوقت. ما عليك هو أن تساعد نفسك للتطور والتحسن “ما استطعت” حتى تصل إلى صورةٍ أفضل من ذاتك الحالية، شخصيًا وثقافيًا وعلميًا ومهنيًا. صورة لعملية متكاملة تنتج منك شخصية مميزة ومؤثرة.
أما أنا فلدي بعض النصائح ولستُ ممن يحب هذا الدور كثيرًا إلا إذا كانت نتاج تجاربي وليست مجرد تنظير.
أولًا، إلى الباحثين عن عمل:
١- أكمِل المسير، فالأزمة ليست عقبتك، هذه ليست المرة الأولى التي تواجهها فأنت ذلك الذي قدم مئات المرات ورفض مئات المرات، أنت الذي حاول بشتى الطرق التقليدية وطرد قبل أن يدخل، وتم رفضك إلكترونيًا فور تقديمك والكثير من المواقف. لذلك لا تجعل الأزمة تعيقك عن إكمال مهمة البحث عن عمل، أكمل المسير وابحث لأنك ستصل.
ومضة أمل: هناك شركات ما زالت تواصل مسيرها للاستقطاب ولكن بطرق تناسب الوضع الحالي، مقابلات عن بعد وعروض وظيفية وقد تباشر أيضًا عن بعد لذلك أكمل ولا تسمع لمن يثبطونك بكلمة، هناك شح والبطالة زادت قد يكون كذلك ولكن انظر إلى الجزء الممتلئ من الكأس.
٢- التعليم والتعلم لا يعترف بالعقبات، فضاء الإنترنت واسع تعلم من المصادر الرسمية وطوِّر نفسك لن يطورك أحد مالم تفعل بنفسك. قد لا تكون الأزمة مؤثرة عليك كثيرًا كون هذه حياتك مسبقًا فالذي تغير عدم الخروج من المنزل. قد تكون لم تجرب أن يكون لديك وقت للعمل الرسمي ولكن اجعل من رحلة التعلم دواما رسميا يوميا بوقت تخلقه أنت ليخلق منك نسخةً أفضل.
٣- الأزمات تخلق الفرص، أنت الذي أتتك فرصة حينما كنت تعمل بالتوصيل، لتقضي على أوقات فراغك وبعد الحديث مع الركاب عرضت عليك فرصةً أو آخرى. وأنتِ حينما كنتِ تقدمين معلومة متخصصة في مجالك لتأتيك رسالة تعرض عليك فرصة. والكثير من المواقف غير متوقعة هذه موهبة الأزمات وأعني المباغتة.
أما عن الشركات فقد خُلقت الكثير من الوظائف عن بعد لتغطي العجز الحاصل لديهم. فأستعمل هذه الفرصة لصالحك وتعلم على أدوات العمل عن بعد فهي سلاحك ضد الأزمات، سلاحك هذا قد يقوي موقفك و يعطيك ميزة أكبر قد تمكنك من المباشرة في وظيفة موسمية وقد تخلق لك هذه الفرصة فرصة أكبر وأفضل بعد الأزمة. الفرص تباغتك مالم تكن مستعدًا لها فستخسر.
ليس كل البشر يتأقلمون مع الأزمات ويخلقون منها فرصا فإن فعلت فأنت جسورٌ مختلف.
ثانيًا، إلى الموظفين:
١- أنت محظوظ لأنك تمتلك فرصة عظيمة، أحسن إلى هذه النعمة وقدّرها بإعطائها حقها. تعمل عن بعد؟ هذا لا يعني بأن الرقابة قلّت فالوضع يعلمك درسا حقيقيا ومجانيا لمهارة ضبط وإدارة النفس ولا تنس بأن الله يراك. لا تتقاعس، بحسب أدائك قد يتغير وضعك بعد الأزمة، فراقب نفسك جيدًا.
٢- إذا كنت تعاني من التشتت الوظيفي أو الضياع في اختيار المجال الذي تجد نفسك فيه فإني لك من الناصحين بخوض تجربة التوجية والإرشاد المهني. صحح بها مسارك وزد وعيك بذاتك أكثر من خلال موجِّه خبير. لم أُسد لك هذه النصيحة عبثًا، فأنا مررت بضياع في تحديد مساري. ضياع آثرّ نفسيًا علي وخضت هنا في عالم المقابلات جلسة إرشادية، فكانت خير تجربة وخير إرشاد أسميتها رحلة البصيرة لأنها فتحت بصيرتي على أمور مغيّبة عني وعن نقاط قوتي وضعفي وحققت لي رضا ذاتيا ورسمت لي الطريق فجزى الله مرشدي كل خير.
لا شك بأنك ستخرج من هذه الأزمة مسلَحًا بمهارات عديدة ولو كنت تحاول من قبل لما امتلكتها لأن الأزمات ببساطة تعلمك دون تخطيط ومحاولة.
الأزمات تضعك في لُب الموقف وتقول لك: هيا أرني ما لديك. هي اختبار حقيقي أمام نفسك.
روّض نفسك واستثمر بها ولا تنس بأن تركز على أهدافك لأنها من سينير لك الطريق في الأزمة وما بعدها.
كتابة: آلاء الشهري