كيف تقود فريقك للتعامل مع التغيير

أنا من يطلق علي لقب “مدمن التغيير” بسبب تغييري الدائم في إدارة العمل، وأيضا لأني عشت في خمس مناطق مختلفة في غضون السنوات العشر الماضية.  ورغم ذلك فإن قهوتي هي نفسها لم تتغير، و في كل مناسبة أتناول نفس طبق الحلويات!  واستأت كثيرا عندما قام مطعمي المفضل بتغيير قائمة الطعام وإزالة وجبتي المفضلة.

أنا الرئيس التنفيذي لشركة NOBL – شركة عالمية متخصصة بالتغيير – والتي تحظى بثروة من نوع مختلف.. وهي العمل مع قادة طموحيين ومهتمين، هدفهم مساعدة فرقهم للنجاح عند خوض تجارب التغيير.

لماذا يُقاوَم التغيير؟

الفكرة هنا هو “الخوف من الخسارة” وليس “مقاومة التغيير” بحد ذاتها. ضع نفسك مكان الموظف وانظر ما الذي سيخسر في خضم التغيير؟

هناك ٦ أنواع من الخسائر التي يتوقعها الموظف أثناء عملية التغيير.

١| فقدان السيطرة

إذا لم تقم بدعوة موظفيك للمشاركة في عملية التغيير، فلن يتقبلوه حتى لو كان التغيير إيجابيًا.  كما تقول إحدى القادات الذين عملنا معهم أنها حتى لو أعطت كل موظف مئة دولار مكافأة، فإنه سيشتكي: لماذا دفعت من فئة ١٠ دولار وليس ٢٠؟!

‎٢| فقدان الكبرياء

‎يجب أن يكون الموظفون فخورين بعملهم، وأن يكون إسهامهم في تنمية الشركة والعمل واضحا.  وللأسف، مازال بعض القادة يقوم بخطأ الافتخار بالمستقبل على حساب نسف الماضي: “لم نعد نقوم بالعمل كما في السابق! نحن على مشارف شيء جديد!”.. ومن سيقوم بالعمل الجديد إلا نفس الموظفين الذين قاموا به في السابق!

في أحد المشاريع، قام عميلنا بدعوة كل من الرئيس السابق لخدمة العملاء (الذي تم نقله إلى وظيفة أخرى) والرئيس الجديد.  ثم تحدث عميلنا بحسن نية عن القسم وكيف أن الطرق القديمة غير مجدية، وأبدى حماسه لبداية جديدة.  لك أن تتخيل كيف كانت مشاعر الرئيس السابق! وكذلك شعور الاستياء الذي تفشى في الإدارة نفسها، ذلك أن الرئيس الذي يكنّون له كل الاحترام قد تم استبداله، وأن كل جهودهم تم نسفها بوصفها “غير مجدية”.

٣| فقدان المعتقدات الماضية

في العمل، هناك الكثير من القرارت التي قاتلت من أجلها، والمواقف التي اتخذتها وأسهبت في تسويقها وشرحها لفريقك.

في مرة من المرات، عملنا مع نائبة رئيس قسم التسويق في وقت التحول من الإعلام التقليدي إلى الإعلام الرقمي.  وكانت نائبة الرئيس تعرف جيدا التوجهات الحديثة في عالم التسويق والإعلام.  وهي من كانت في السابق تقنع مسؤولي التسويق وزملاءها بالاستثمار في فريق الطباعة والإعلام التقليدي.  كانت تدعم فكرة أن الإعلام التقليدي مازال سيد الساحة، ولكنها الآن ملزمة لتغيير رأيها وبشكل مؤلم.

٤| فقدان الوقت

النصيحة التي يكرهها القادة هي كالتالي: إذا كان التغيير الذي تقدمه يتطلب عملًا إضافيًا (وهذا ما يطلبونه فعلا!) يجب عليك إزالة أعمال أخرى بالمقابل، لا تجعل الموظفين يختارون بين التغيير ورؤية أصدقائهم وعائلاتهم.  بل يجب أن يكون التغيير الذي تريده جزءًا من جدول عملهم المعتاد.

تمت ترقية إحدى عملائنا إلى منصب أعلى وكانت سعيدة للغاية، كان منصبا استراتيجيا في الشركة.  ولكن كان أحد شروط الترقية أن تواصل عملها السابق، فتشغل وظيفتين بدوام كامل.  كانت مخيره بين هذا التغيير أو أخذ القسط الكافي من النوم.  وهذا أخر ماتريده من التغيير أن يتطلب منك وقتا وجهدا أكبر!

٥| فقدان الكفاءة

خاصةً عندما يكون التغيير الذي تبذله يتطلب الابتكار، وهذا من طبعه الابتعاد عن التنفيذ المستند كليا على الخبرة.

من طبيعة الإنسان أن يحب أن يكون بارعا في عمله.  إذا كان لدى مؤسستك ثقافة تميل إلى الأداء العالي والاهتمام بالنتائج، فلا عجب أن الناس سيقاومون.  ‎كم تتوقع نسبة استيعابك وفهمك لما تقوم به من أعمال؟ ١٠٠٪ ؟ ٧٠٪؟ ٥٠٪ أو أقل؟

الموضوع تقديري بطبعه، ولكن بالنسبة للقطاعات سريعة التطور، فلن ترغب بأكثر من ٧٠٪؜.  لأن هذا يعني أنك تتعلم وتعمل خارج نطاق قدرتك قليلا، وهذا مؤشر جيد.  ولكن إذا كنت تطلب من الأشخاص أن يقوموا بأعمال جديدة عليهم كليا، فإنهم سيعملون بكفاءة نسبتها ٥٠٪ أو أقل.  وعندها سيتساءلون عما إذا كانوا في المكان الصحيح أو في الشركة المناسبة لقدراتهم.

٦| فقدان المعتاد

يقضي البشر معظم حياتهم في التنبؤ بما حولهم: أحوال الطقس، سوق الأسهم، وغيره.  رغبتنا في رؤيةالمستقبل فطرة متأصلة فينا وهي تمدنا بشعور الراحة والسيطرة.  والتغيير طبعا يربك ذلك كله.

‎كان أحد عملائنا في منتصف عملية اندماج، وكان يواجه تراجعًا كبيرًا في معنوياته.  كانت العملية تحضى بالدعم من الجميع، ولكن إدارة التغيير كانت سيئة للغاية، وبعد ستة أشهر بدأ الجميع بالتساؤل: “متى سنشعر بالاستقرار ونرجع للوضع الطبيعي؟ هل سيحصل ذلك فعلا؟!”

التغيير والتحول شيئان مختلفان

يحدث التغيير في لحظة، كما تحدث الولادات والوفيات والزواج.  والتغيير في المؤسسات هو اليوم الذي يعلن فيه التنظيم بشكل رسمي، أو اليوم الذي يعلن فيه المدير التنفيذي الأخبار الجديدة.  أما التحول، فهو شيء آخر، فهو تغيير للسلوك، وهو منهج عمل وليس مجرد حدث.

في الحقيقة، هناك ثلاث خطوات مختلفة أوجزها (ويليام بريدجز) لأول مرة في ثمانينات القرن العشرين:

أن تبدأ أولا من النهاية؛ مساعدة الناس على التصالح مع ما سيخسرونه وتقبل ذلك.  ثم بعدها الخطوة الثانية، وهي التعامل مع مكونات الخسارة هذه، وتصحيح الأوضاع.  فقط في الخطوة الثالثة يمكنك أن تبدأ شيئا جديدا.

ويليام بريدجز

‎هل يمكنك تخمين أي من هذه الخطوات يود معظم القادة البدء بها؟

نعم، الخطوة الثالثة.  من المغري أن تبدأ بأمر جديد، ولكن ذلك ليس المكان الصحيح الذي يوجد فيه الآخرون!  سُئل (الأمير تشارلز) عما إذا كان متحمسا لليوم الذي سيصبح فيه ملكا، فأجاب: “بالطبع لا.  هذا يعني أن أمي قد ماتت للتو!”

‎كيف تقود الناس خلال عملية التغيير؟

‎من اللازم أن تخوض الخطوات الثلاث وبالترتيب.  افعل ما يفعله قلة من القادة، احتفل بالخسارة، وخلد ذكرى الماضي.  اسمح للناس أن يشعروا بالفخر بأعمالهم السابقة، فأسوأ نوع من الخسائر هو النوع الذي لا يكن اعترافا بالجميل لما سبق.

انظر إلى خسارتك وتعلم منها.  وعندما يكون الوقت قد حان لبداية جديدة فإن مهمتك وقتها هي الاحتفال بالانجازات الجديدة: قم بإلصاق التعليقات الإيجابية من العملاء على الجدران. استمتع بعملك وبالطريقة المناسبة لشركتك، فأنت وفريقك تستحقون ذلك.


ترجمة: رغد المصيلحي

المرجع:
This Is How Good Managers Help Their Teams Deal With Company Changes, by Bree Groff – The Muse.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *