كيفية التغلب على هاجس الكمال

هل أنت ممن يسعى للمثالية والكمال؟

كثير من الناس يمتلكون هاجس الكمال ويفتخرون به، ولكن هناك فرق كبير بين الأشخاص الساعيين للكمال والأشخاص الذين يحققون نجاحًا كبيرًا.  إن كنت من الأشخاص الذين يحققون نجاحًا كبيرًا فهذا سيكون له الأثر الجيد على صحتك وسعادتك.  أما إذا كان لديك هاجس الكمال فلابد من إيجاد استراتيجيات و طرق لتجاوز هذه المعضلة لتصبح من المنجزين المنتجين بدلًا من الساعين للكمال.

هاجس الكمال يمكن أن يسلب منك راحة بالك، والاستمتاع بالحياة، وأيضا تقديرك لذاتك! على الرغم من أن هذه العملية قد تستغرق بعض من الوقت والممارسة، إلا أن التخلص من عبئها يمكن أن يقلل بشكل كبير من مستوى التوتر الذي تشعر به يوميًا.

الفرق بين هاجس الكمال و التفوق في الإنجاز

قبل أن تتعمق أكثر في استراتيجيات التخلص من هاجس الكمال؛ من المهم معرفة ما المقصود بالكمال و ما الذي يقوم عليه لأن ذلك يحفزك على إحداث التغيير والتأثير. يختلف هاجس الكمال عن الإنجاز بصورة كبيرة في أمر واحد و هو محط التركيز أو ما يسمى بمصب التركيز. إذا كنت تسعى إلى الإمتياز و التفوق فإنك بذلك ستكون سعيدًا بإنجازك و ستتعلم من أخطائك.

يختلف هاجس الكمال في كونه غير متسامح في مسألة موضع التركيز، فترى بذلك الأشخاص الساعين للكمال يوبخون أنفسهم ويجلدون ذواتهم تجاه أي نقص أو عيب؛ مما يسلبهم الرضا والفخر بما حققوه من إنجاز. أحد أهم المشاكل التي يواجهها الأشخاص الساعيين للكمال هي خوفهم  من أن التوقف عن نشاد الكمال سيقودهم إلى مستوى إنجاز أقل و ضياع لأهدافهم.  لعل من المفاجئ أن تعرف أن ما يحققه الساعون إلى الكمال أقل مما يحققه أصحاب السلوك الصحي و المتوازن، لأن التركيز على الكمال والمثالية سيحرمهم التحفيز و سيؤدي إلى التسويف و التأجيل و غيره من السلوكيات الأخرى المناهضة للذات.  تعلم أفضل الطرق لإدارة القلق والسلبية في حياتك والتخلص من هاجس لكمال يمكن أن يساعدك على التفوق أكثر!

إليك بعض الخطوات المهمة التي يمكنك أن تتخذها للحفاظ على سلوك صحي أفضل:

قم بتحليل (التكلفة / المنفعة)

ألقِ نظرة على سمات الكمال الخاصة بك، قد تظن أنك أكثر تأثيرًا بسببها، ولكن هاجس الكمال  له العديد من العواقب السلبية، وقد تكون تواجه العديد منها في حاليا.  قم بإعداد قائمة بكل الطرق التي يسعى فيها هاجس الكمال لإيذائك أنت أو من حولك، وستكون بذلك أكثر تحفيزًا للسيطرة على هذا الميول

كن واعيًا لميولك و الاتجاهات الخاصة بك

قد لا تدرك كيف يمكن لهاجس الكمال أن يتفشى.  من خلال زيادة وعيك وإدراكك لأنماطك  فأنت في وضع أفضل لتغييرها. إذا استطعت، سجل أفكارك المثالية عندما تخطر في بالك. إذا كان لا يمكنك تسجيلها في حينها، فمن الممكن أن تقوم في نهاية يومك  بتذكر الأوقات التي شعرت فيها بأنك قد فشلت أو لم تكن بذلت جهدك بما فيه الكفاية، وأن تكتب ما كنت تفكر به. سيساعد ذلك بأن تصبح أكثر وعيًا بالأفكار المثالية عندما ترد على ذهنك في المستقبل.  (يمكنك أيضًا تدوين ما قد تشعر به من هذه الأفكار ولكن إياك أن تشعر أنك “أخفقت” إذا لم يكن لديك الوقت للقيام بذلك، فهذا من المثالية!)

ركّزعلى الإيجابية

إذا كنت تعاني من هاجس الكمال فربما قد تكون طورت مهارة عالية لاكتشاف الأخطاء حتى في أفضل الأعمال للآخرين ولنفسك. في حين أن هذه العادة قد تكون من الصعب إيقافها، يمكنك تخفيف ميولك لملاحظة السيء من خلال بذل جهدك الواعي لملاحظة الجيد في عملك وإنجازات الآخرين.  إذا لاحظت شيئًا لم يعجبك في نفسك أو عملك، على سبيل المثال ابحث عن خمس صفات أخرى فيك تحبها، هذا الشيء سوف يوازن تركيزك الناقد وتصبح لديك عادة جديدة إيجابية.

تحكم بصوتك الداخلي

أولئك الذين يتصارعون مع هاجس الكمال، يميلون إلى أن يكون لديهم صوت ناقد في رؤوسهم يخبرهم بأن عملهم ليس جيدًا بمافيه الكفاية، وأنهم لا يحاولون بذل جهد كافٍ، وأنهم ليسوا جيدين بما فيه الكفاية.  إذا كنت ستتغلب على هاجس الكمال، فأنت بحاجة إلى العمل على تغيير هذا الصوت الخفي! الحديث النفسي السلبي يمكن أن يؤدي إلى استمرار السلوكيات غير الصحية والتأثير سلبا على تقديرك لذاتك.  عن طريق التحكم بصوتك الداخلي، يمكنك أن تقطع شوطا طويلا نحو الإستمتاع بالحياة واكتساب المزيد من التقدير لنفسك وعملك.

خذ خطوات صغيرة

يميل الساعون إلى الكمالية إلى وضع أهداف غير معقولة.  هذه الأهداف تميل إلى أن تكون غير واقعية وتتسبب في مشاكل من خلال كونها صارمة وتترك القليل من المساحة للخطأ.  بدلاً من ذلك، يمكنك تخفيف القلق والضغط عن طريق تغيير أهدافك، لن تضطر إلى التضحية بالنتيجة النهائية، ولكن إذا حددت أهدافًا صغيرة ومعقولة وكافأت نفسك عند تحقيقها، فستميل إلى أن تكون أكثر تسامحًا مع الأخطاء. 

على سبيل المثال، عادة ستحصل على جسم رياضي إذا كنت تتمرن خمس مرات في الأسبوع.  ولكن للأسف، إذا لم تكن معتادًا على التمرين المنتظم، فقد تصيبك آلام في جسمك بسبب التغيير المفاجئ، وربما قد تستسلم.  ولكن لو وضعت هدفا للتمرين مرة أو مرتين في الأسبوع الأول، ثم أضفت تمرينا إضافيا بشكل دوري حتى تصل إلى هدفك، ستصل على الأرجح إلى مبتغاك وستستمتع بالعديد من “النجاحات” في طريقك لذلك.

استمتع بالعملية نفسها

قد تكون معتادًا في التركيز على النتائج وتجلد ذاتك إذا كانت نتائجك أقل من الكمال. إحدى الطرق المهمة للتخلص من هاجس الكمال هي أن تبدأ بالتركيز أكثر على كيفية الوصول نحو الهدف، بدلاً من التركيز على الهدف بحد ذاته.  يمكنك أيضًا الاستمتاع بعملية الوصول إلى الهدف وتحقيقه من خلال الانضمام إلى مجموعة تحاول أيضًا تحقيق الهدف نفسه الذي تريد تحقيقه أو تسجيل يوميات حول ما تشعر به وما تعلمته من وصولك إلى أهدافك.  إذا اكتشفت أنك لم تحقق الكمال، فيمكنك الرجوع إلى الوراء والإطلاع على جميع الأشياء التي اكتسبتها من مجرد العمل نحو تحقيق هدفك، وتقدير المكاسب التي حققتها في هذه العملية.

تعلّم كيفية التعامل مع النقد

إذا كنت تنظر إلى النقد على أنه هجوم، وتأخذ منه موقفا دفاعيا، فإن تغيير نظرتك هذه يمكنه أن يساعدك. النقد البنّاء يمكن أن يعطيك دلالات مهمة حول كيفية تحسين أدائك، مما يجعل أداءك الغير مثالي في السابق بمثابة العتبة التي تقودك إلى التميز. إذا كان النقد الذي تتلقاه حادًا أو قاسًيا، فلا بأس من تذكير الآخرين (ونفسك) بأن الأخطاء هي الطريقة المثلى للتعلم.


ترجمة: رغد المصيلحي

المرجع:
How to Overcome Perfectionism, By Elizabeth Scott, MS – Verywell.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *