كيف السبيل إلى الوظيفة الأولى؟ سأدلك!

للوظيفة الأولى والراتب الأول لذةٌ لا يضاهيها شيءٌ آخر.

هذا المقال لا يُقرأ على عجل، بل يحتاج إلى كوب قهوة أو شاي نعناع! فهي دردشة مثرية وأراهنك عزيزي الباحث عن عمل بأنك ستخرج منها بفائدة تنعكس على طريقة بحثك أو ستفتح عينيك على بديهيات نسيتها أو جواب لسؤال عفوي يراودك حينما ترى من يصورون مكاتبهم —سؤال بنية طيبة ينم عن محاولات فشل الحصول على فرصة، ألا وهو “كيف حصل هؤلاء على وظيفتهم يا ترى؟”.

لنعود إلى الوراء قليلًا لما قبل البحث عن عمل، ولهذه اللمحة خبايا تُمكِّن من الحصول على فرصة أولية. وأنت في مقاعد الدراسة، الثانوية كانت أم الجامعية، هناك أسرار يجب عليك العمل بها تجهزك لما بعد الدراسة وسوق العمل:

1- التطوع في الأندية الصفية واللاصفية والفعاليات تكسبك الكثير من المهارات والخبرات والعلاقات التي قد تختصر عليك وتعلمك قبل أوانك.

2- العمل الصيفي أو الجزئي في فترة الإجازات. اعمل حتى وإن كانت في وظائف بسيطة بهدف التعرف على مجالات مختلفة واكتساب معارف وعلاقات ستفيدك مستقبلًا. وجرب مجالات مختلفة لأنك قد تكشتف أنك في مجال كنت تظن أنه الوحيد المناسب لك، وهو غير ذلك وبالتالي كنت تغلق أبوابًا وضيعت فرصًا.

3- اكتشف شغفك مهنيًا وطور نفسك في المجال الذي تهوى، وتعلم ذاتيًا على الدوام، ليسهل عليك الطريق وتتبدد الحيرة ولتحدد مسارك بمعرفة مجالات العمل التي تريدها بعد التخرج بسهولة. كثيرون اليوم لا يعلمون أين هم أو ماذا يريدون، ويتخبطون سنوات بين هذا وذاك حتى يجدون ذواته مهنيًا. إذا حددت مجالك بوعي مبكرًا فأنت وفّرت على نفسك الكثير من الهدر الزمني والتخبط الوظيفي ووصلت إلى مبتغاك بذكاء وبهدرٍ أقل.

في هذا المقال فضّلت أن أستحضر نماذج لبعض استراتيجات البحث عن وظيفة مدعمةً بأمثلةٍ حقيقية. وسألت السؤال التالي على مجموعة من الأصدقاء العاملين:

كيف حصلت على الوظيفة الأولى؟ وكيف واجهت ردود الرفض؟

وقبل أن أطرح الأجوبة والاستراتيجيات المستخدمة لا بد أن أقول أنه من الصعب، بل ومن التسطيح، عزو الطرق بنماذج شخصية محددة. لأن الطرق تتعدد، وسرد النماذج هذه لا يعني بأنها هي الصحيحة أو الوحيدة، ولكنها تجارب شخصية أتت من عدة محاولات للوصول إلى أفضل طريقة بالنسبة لهم في الحصول على فرصة عمل. ولعلك عزيزي الباحث عن عمل قد تجد مبتغاك في طياتها.

لنبدأ!

أولًا: أثبت نفسك بذكاء

يقول عبدالرحمن: “حصلت على وظيفتي الأولى حينما كنت طالبًا جامعيًّا في السنة الأخيرة، من خلال مسابقة مدعومة من إحدى الشركات. شاركت عرض مشروع تخرجي أمام مسؤولي الشركة فأُعجِبوا بالمشروع لما سيحققه من فائدةٍ لهم، فتم استقطابي وتقديم العرض الوظيفي فور تخرجي بفضل من الله ومنّة.. وقبلت به”.

أما ملاك، فتقول: “حصلت على وظيفتي الأولى أثناء تدريبي الميداني. أثبتُّ كفاءتي وجدارتي وتم استقطابي فور انتهاء مدة التدريب. لذلك احرص على أن تكون لك بصمة جلية في أي مهمة لا تدري بأي فائدةٍ تعود عليك، واحرص على أن تكون بصمة إيجابية لنفعها الكبير عليك وعلى المنشأة”. بالنسبة للرفض، فتقول: “قابلته بسؤال عن سبب الرفض، لأطور من ذاتي وأحرص على تعزيز علاقتي مع العاملين بتلك المنشأة”.

ثانيًا: العلاقات

أما منيرة وحنين وروان ولجين فهم من مؤيدي شبكة العلاقات لما تساهم بشكل كبير للحصول على فرصة وظيفية. وهذا ما حدث معهم، فكانت وظائفهم بترشيح من الأشخاص حولهم!

وفي حالات الرفض التي تواجهها منيرة، كانت لا تواجه مشكلة مع الرفض بل مع عدم الرد، وتقول: “أرى بأن التجاهل أو عدم الرد أصعب كثيرا من الرفض، لأنني كخريجة جديدة بحاجة إلى توجيه، ومن المهم أيضا ألا أُضيع وقتي في انتظار رد لن يأتي”.

وأما حنين، فكانت تواجه الرفض بالسؤال عن السبب بدافع التطوير. وبالنسبة لـ لجين وروان، فقد عانتا صعوبة في مرات الرفض الأولى والتي اعتبرتاها شخصية. وبعد عدة تجارب، عرفتا السوق جيدا وأن هذا شيء طبيعي، وأصبحتا تتعاملان بإحترافية، وتعلمتا ألا يتم التعامل مع الرفض بشخصنة. لذلك لم تتوقفا عن البحث حتى وصلتا لمرادهما.

وتخبرنا حنين بسرها واستراتيجيتها في حصولها على وظائف أخرى، ألا وهي “قط وجهك!”، وهذه استراتيجية الدكتور صالح الشبل! وهي تعني ببساطة التواصل المباشر مع الشخص المعني في التوظيف في هذه الشركة أو مدير قسم المجال الذي تريد العمل به وتخبره عنك بإيجاز مميز.  وآتت ثمارها هذه الطريقة بالنسبة لحنين – وبالنسبة لي أيضًا – وكانت الطريقة كالتالي:

  • إضافة مسؤولي التوظيف والاستقطاب على منصة لينكدان أو حسابات مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى
  • إرسال رسالة على الخاص توضح المطلوب مع استعراض موجز لمميزاتك وكيف ستفيدهم
  • ومن ثم إرفاق السيرة الذاتية وأي ملفات أخرى (كـ ملف نماذج الأعمال الخاص بك)

وهذه الطريقة تلاقي تجاوبًا كبيرًا أحيانا، ودائمًا ما أنصح بها!

همسة: لا تلح بالسؤال والطلب، ولا “تقط وجهك” أكثر من اللازم، واكتفِ برسالة واحدة فقط! واحرص على الاهتمام بصفحتك على لينكدإن، والتركيز على الكلمات المفتاحية في مجالك والتي تساهم بظهور اسمك في هذا المجال عندما يبحث مسؤول التوظيف في لينكدإن عمن يعمل في هذا المجال. والاهتمام بالمشاركة في المنشورات في مجالك والتركيز على استخدام الكلمات المفتاحية في مجالك.

لا نعني بالعلاقات والتوصية “الواسطة” أو حصول على فرصة بغير وجه حق، بل من المفترض أنها ترشيح وفيها يمر الشخص بكافة الخطوات كالآخرين. التوظيف عن طريق العلاقات ببساطة هو  عبارة عن توصية تميز من يستحق بأن يكون في المكانة المناسبة نظرًا لخبراته ومهاراته الملموسة واقعيًا. أما الواسطة فهي أن تحصل على مكانة لا تستحقها كمن يتخطى سير الانتظار بلا مبرر أو يشغل وظيفة لا يفقه عنها شيئًا!  

ثالثًا: معارض التوظيف ليست وهمية!

دائمًا ما نسمع بهذه العبارة والتي تثبط عزيمتك وتجعلك تتراجع عن الذهاب للمعارض الوظيفية بحجة “ليش أتعّب نفسي على الفاضي!”. لا شيء يذهب سداء، فكل تجربة مهما كانت صغيرة أو بسيطة، إلا أنها تضيف لك وتبصرك على أمور مغيبة.

تقول لجين: “حصلت على وظيفتي الأولى عن طريق معرض التوظيف. كونت فيه علاقات مهنية وحددت هدفي بالتقديم على جهات محددة أجد نفسي فيها. وبالفعل خرجت ذلك اليوم بثلاثة عروض من شركات كبرى”. الوهم هو كلام الآخرين، لهم تجربتهم ولك تجربتك، استفد من تجاربهم وجرب بطريقتك لتكن لك تجربتك الخاصة.

همسات في الطريق للحصول على الوظيفة الأولى

اكتشف نفسك. قبل خوض غمار التجربة، اكتشف مجالك الذي تؤهلك له مواهبك، ولا تقدم في أي مجال ومكان لمجرد التقديم وإراحة ضميرك. وفّر على نفسك الكثير من خيبة الأمل بسبب التقديم العشوائي. إذا لم تكن تعرف مجالك بعد، وماهو ميولك المهني، تسطيع أن تستفيد من خدمة التوجية والإرشاد المهني المقدمة من عالم المقابلات.

قم بواجباتك. احرص على تدقيق سيرتك الذاتية ودرِّب نفسك على محاكاة المقابلات الشخصية وثق بنفسك ولا تضيع الفرصة عليك بتوتر غير مبرر. هي في الأخير مجرد مقابلة!. شمر عن ساعديك وطبق الاستراتيجيات أعلاه. ويمكنك أن تستفيد من خدمات عالم المقابلات في مراجعة السيرة الذاتية و تجربة المقابلة الشخصية. تابع حساباتنا على تويتر و لينكدإن لمعرفة أوقات فتح التسجيل لهذه الخدمات.

إياك والمحبطين. حذارِ .. حذارِ! أن تفتح أذنك للمحبطين وتستمع إليهم. أغلق أذنك جيدًا عنهم، ولا تتقاعس عن السعي للحصول على فرصة. حماس البدايات وحده لا يكفي، أكمل المسير واستمتع بالطريق إلى وجهة الحصول على وظيفة مهما كانت العملية صعبة أو معقدة. ولا تنس! بأن نتائج السعي والمحاولات لا تظهر من أول مرة. اصبر وجاهد ونوِّع طرقك وستحصل بكل تأكيد.

“إذا كنت تريد النجاح فثمنه الوحيد سنوات طويلة من الفكر والعرق والدموع”

غازي القصيبي – حياة في الإدارة

القناعة كنز لا يفنى. في بداية مسيرتك، ارضَ بالقليل بدافع المعرفة والتعلم لأنك بهذه الاستراتيجية ستكسب الكثير.

“أود أن يعرف القراء الذين لم يسمعوا بي إلا مسؤولاً كبيراً أني بدأت حياتي العملية بدون مكتب وبدون طاولة. إن عجبي لا ينتهي من أولئك الموظفين الذين يصرون على مكتب فخم في يومهم الوظيفي الأول، وأولئك الموظفين الذين يقيمون الدنيا ولا يقعدونها إذا رأوا أن المكتب لا يتناسب وما يتصورونه لأنفسهم من مكانة.”

غازي القصيبي – حياة في الإدراة

المقارنة ليس عادلة. المقارنة في بعض الأحيان تنسيك إنجازاتك “وتلك الأيام نداولها بين الناس”. مرحلة الارتفاع عند الآخرين قد تتزامن مع مرحلة النزول لديك والعكس صحيح. والإنجازات مواسم، فلا تجعلها تحجب بصيرتك وتنسيك الرضا والقناعة بإنجازاتك.

“من الظلم مقارنة فصلك الأول في الحياة بالفصل الخامس من حياة شخص آخر” 

تسويق الذات. سوِّق لنفسك جيدًا، وفي التسويق دائمًا ما ننصح بتنوع المصادر والقنوات التسويقية. ويعني ذلك أن تنوّع مصادر بحثك عن عمل مثلًا عن طريق العلاقات والتقديم اليدوي والتقديم الإلكتروني المتعارف عليه. وكذلك استخدم قنوات التوظيف كمنصات وتطبيقات التوظيف. وخذ بعين الاعتبار توقيت إرسال الرسالة وأسلوب الرسالة والاستهداف الصحيح للأشخاص. فمثلا تأكد من استهداف مسؤول التوظيف أو مدير القسم المعني.

وتستطيع أن تبتكر طريقة عرض مختلفة بفكرة إبداعية شيّقة كفديو لعرض مهاراتك ومميزاتك في مجالك! ولنا في هذه التغريدة مثال.

تعود على الرفض. لا تشخصن الرفض، وروِّض نفسك جيدًا على تقبل الجملة الآلية بعد كل تقديم إلكتروني: “نقدِّر وقتك ونعتذر عن قبولك معنا ولكن سندرج سيرتك الذاتية في نظامنا”.

العمل ليس محدودا على وظيفة. مواقع العمل المستقل ليست تصبيرة فقط! فرصة صغيرة قد تقدم لك وجبة دسمة وفرصة كبيرة. لا يغرنك بساطة أسلوب الطلب والخدمة فقد تفتح لك تعاونا أكبر. من مواقع العمل المستقل منصة بحر و منصة مستقل و منصة خمسات و بعيد و وردية. أو عرض خدماتك بذكاء في مواقع التواصل الاجتماعي. حصلت أنا من خلال أحدهم على فرصة عمل على مشاريع حكومية تخيل! لذلك لا تستصغر أية فرصة.

أنت وحدك مسؤول عن نفسك، لا أحد سيبحث بدلًا عنك. اسع.. اسع.. وستصل بحول الله وقوته. لا تقل: “جرّبت وما فاد!”. ولا تسمع لما يقولون مثلًا: “هذه المنصة كذب لا يوجد بها وظائف وكلها لأصحاب الخبرةّ”. جرِّب بنفسك وبطرقك الخاصة، وإذا لم تحصل على وظيفة ستحصل على علاقات، وإذا لم تحصل على علاقات، فستحصل على معرفة!. في كل الأحول لست بخاسر!

واختم قولي هذا بحديث شريف:

عن عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – قال: كنت خلف النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: (يا غلام إني أعلمك كلمات. احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك. إذا سألت فسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله. واعلم أن الأمة لم اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك. رفعت الأقلام وجفت الصحف).

رواه الترمذي

في الختام.. أود أن أقول أنك قد تكون على علم ببعض هذه الاستراتيجيات، ولكن هل طبقتها أم أنك تؤيدها بالكلام فقط؟! تلقي المعرفة شيئ وتكوينها شيء آخر، والتطبيق الفعلي المؤدي لمعرفة أعمق شيءٌ آخر تمامًا. إذا طبقتها باحترافية عالية ولم تحصل على فرصة أو رد، راجع أسلوب رسالتك، طريقة حوارك، محتوى سيرتك الذاتية النصي والبصري، استعدادك.. ثم جرب مرة أخرى وأنت على بصيرة.

وأود أيضا التنويه على أنه لم تُذكر منصة أو طريقة متبعة في هذا المقال إلا وهي مجربة، وحرصت تمامًا بأن تكون كلها واقعية وقابلة للتطبيق والتجربة وليست مجرد تنظير أو حلول إنشائية منمقة ومستهلكة.


كتابة: آلاء الشهري.

2 أفكار على “كيف السبيل إلى الوظيفة الأولى؟ سأدلك!

  1. Hind رد

    مقال ثري و فيه كم من المعلومات التي تُنير البصيرة و تُمهد الدرب تمت إضافته إلى العلامات المرجعية 👌🏼 ، شكراً عالم المقابلات ، شكراً الاء أبدعي جزاك الله كل خير ⭐️👏🏼

  2. غاليه رد

    معلومات تثير النظر وتقديم للمستقبل والاتجاه والتعلم الصحيح مبدعين استمرو والله الموفق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *